الإسلام على مفترق الطرق (ص: 2)
خرج ابن ماجه : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقَتْ عَلَى إِحْدَى
وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ
فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً وَهِيَ الْجَمَاعَةُ".
وأخرج الترمذي : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى
عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ ... وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ
تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ
وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا: وَمَنْ
هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي".
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَامَ فِينَا فَقَالَ
أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ
: "أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ
وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ
ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَة"
أخرجه أحمد والدارمي وأبوداود.
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (35/ 147، بترقيم الشاملة آليا)
واختلفوا في صفة الأمر بذلك فقال بعضهم هو أمر إيجاب بلزوم الجماعة وهي
السواد الأعظم واحتجوا برواية ابن ماجه من حديث أنس مرفوعا إن بني إسرائيل افترقت على
إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي
الجماعة وقال آخرون الجماعة التي أمر الشارع بلزومها هي جماعة العلماء لأن الله عز
وجل جعلهم حجة على خلقه وإليهم تفزع العامة في دينها وهم تبع لها وهم المعنيون بقوله
إن الله لن يجمع أمتي على ضلالة وقال آخرون هم جماعة الصحابة الذين قاموا بالدين وقال
آخرون إنها جماعة أهل الإسلام ما داموا مجتمعين على أمر واجب على أهل الملل فإذا كان
فيهم مخالف منهم فليسوا مجتمعين وقال الإمام أبو محمد الحسن بن أحمد بن إسحاق التستري
في كتابه افتراق الأمة أهل السنة والجماعة فرقة والخوارج خمس عشرة فرقة والشيعة ثلاث
وثلاثون والمعتزلة ستة والمرجئة اثنا عشر والمشبهة ثلاثة والجهمية فرقة واحدة والضرارية
واحدة والكلابية واحدة وأصول الفرق عشرة أهل السنة والخوارج والشيعة والجهمية والضرارية
والمرجئة والنجارية والكلابية والمعتزلة والمشبهة وذكر أبو القاسم الفوراني في كتابه
فرق الفرق إن غير الإسلاميين الدهرية والهيولي أصحاب العناصر الثنوية والديصانية والمانوية
والطبائعية والفلكية والقرامطة
الكتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري
المؤلف : بدر الدين العيني الحنفي
مصدر الكتاب : ملفات وورد من ملتقى أهل
الحديث
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
http://www.ahlalhdeeth.com
تنبيه : هذه النسخة معدلة، أضفت إليها نصا
كان ناقصا في الأولى.
تاريخ التعديل : 19 ربيع الأول 1427 هـ
الموافق : 17 نيسان ( أفريل ) ، 2006 م
قام بتنسيقه وفهرسته أسامة بن الزهراء - عفا
الله عنه - لملتقى أهل الحديث
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 270)
(وتفترق أمتي) أي أمة الإجابة،
فيكون الملل الثلاث والسبعون منحصرة في أهل قبلتنا، وإن كانت بدعة بعض هذه الملل مكفرة
ومخرجة عن الإسلام، هذا هو المتبادر من إضافة اسم الأمة إليه - صلى الله عليه وسلم
- ، ويؤيد اعتبار الواقع؛ لأن كل فرقة منهم تدعى الشريعة، وأنها على صوابها، وأنها
المتبعة لها، وتتمسك بأدلتها، وتعمل على ما ظهر لها من طريقها، وتناصب العداوة من نسبتها
إلى الخروج عنها، وترمي بالجهل وعدم العلم من ناقضها، لأنها تدعي أن ما ذهبت إليه هو
الصراط المستقيم دون غيره، ويؤيده أيضاً أن افتراق أمة محمد شبه بافتراق اليهود والنصارى،
ومن المعلوم أن افتراق بني إسرائيل وقع حال كونهم من أمة موسى وعيسى، أي شمول لفظ اليهود
والنصارى، إياهم. (على ثلاث وسبعين ملة) أي يفترقون ثلاثاً وسبعين فرقة تتدين كل واحدة
منها بخلاف ما تتدين به الأخرى. وفيه إشارة بل تصريح لتلك المطابقة مع زيادة هؤلاء
في إرتكاب البدع بدرجة، وليس المراد بالافتراق في الحديث مطلق الافتراق حتى يدخل فيه
ما وقع من الاختلاف في مسائل الفروع في زمان الخلفاء الراشدين، ثم في سائر الصحابة،
ثم في التابعين، ثم في الأئمة المجتهدين، بل المراد به الافتراق المقيد، وهو التفرق
الذي صاروا به شيعاً وأحزاباً وفرقاً وجماعات،
بعضهم فارق البعض، ليسوا على تألف، ولا تعاضد، ولا تناصر، بل على ضد ذلك من الهجران،
والقطيعة، والعداوة، والبغضاء، والتضليل، والتكفير، والتفسيق، وهذه الفرقة المشعرة
بتفرق القلوب المشعر بالعدواة والبغضاء إنما هي بسبب الابتداع في الشرع، والخروج عن
السنة، لابسبب أمر دنيوى، ولا بسبب معصية ليسبت ببدعة. قيل: والمراد بالابتداع المذكور
الابتداع في الأصول والعقائد لا الفروع والعمليات. قال العلقمي: قال شيخنا: ألف الإمام
أبومنصور عبد القاهر بن طاهر التميمي فى شرح هذا الحديث كتاباً قال فيه: قد علم أصحاب
المقالات أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه
من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد، وفي تقدير
الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة، وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب؛
لأن المختلفين فيها قد كفر بعضهم، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير
ولا تفسيق للمخالف فيه، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الاختلاف،
وقد حدث في آخر أيام الصحابة خلاف القدرية من معبد الجهني وأتباعه، وتبرأ منهم المتأخرون
من الصحابة كعبد الله بن عمر، وجابر، وأنس ونحوهم، ثم حدث الخلاف بعد ذلك شيئاً فشيئاً
إلى أن تكاملت الفرق الضالة اثنتين وسبعين فرقة، والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة،
وهي الفرقة الناجية -انتهى. وقال الشاطبي في الاعتصام: القول بأن الفرق المذكورة في
الحديث هي المبتدعة في قواعد العقائد على الخصوص، كالجبرية والقدرية والمرجئة وغيرها
ما هو مما ينظر فيه، فإن إشارة القرآن والحديث تدل على عدم الخصوص، وهو رأي أبي بكر
الطرطوشي، أفلا ترى إلى قوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه}
[7:3] الآية. و"ما" في قوله: "ما تشابه" لا تعطي خصوصاً في اتباع
المتشابه لا في قواعد العقائد ولا في غيرها، بل الصيغة تشمل ذلك كله، فالتخصيص تحكم،
وكذلك قوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء} [159:6]، فجعل
ذلك التفريق في الدين، ولفظ الدين يشمل العقائد وغيرها من الأقوال والأعمال. وقوله:
{وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [153:6] فالصراط
المستقيم هو الشريعة على العموم، وأشار بلفظ "هذا" إلى ما تقدم ذكره من أصول
الشريعة وقواعدها الضرورية، ولم يخص ذلك بالعقائد. قال: نعم ثم معنى آخر ينبغي أن يذكر
ههنا، وهو أن هذه الفرق إنما تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين،
وقاعدة من قواعد الشرعية، لا في جزئي من الجزئيات، إذا الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ
عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور
الكلية؛ لأن الكليات تقتضي عدداً من الجزئيات غير قليل، ويدخل شذوذها في أبواب كثيرة
من الأصول والفروع. قال: ويجرى مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات، فإن المبتدع إذا
أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة، كما تصير القاعدة
الكلية معارضة أيضاً. وأما الجزئي فبخلاف ذلك - انتهى. كلامه مختصراً. وقد بسط قبل
ذلك الكلام (ج1:ص141، 159) في ذكر أسباب افتراق هذه الفرق من جماعة المسلمين وخلافهم
للفرقة الناجية وابتداعهم الذي صاروا لأجله فرقاً وأحزاباً وجماعات متعادين، متباغضين،
متدابرين، متقاطعين فعليك أن ترجع إليه
الكتاب : مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
المؤلف : أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد
السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري (المتوفى :
1414هـ)
الناشر : إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء
- الجامعة السلفية - بنارس الهند
الطبعة : الثالثة - 1404 هـ ، 1984 م
مصدر الكتاب : ملفات وورد من ملتقى أهل
الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com
أعده للشاملة : موقع مكتبة المسجد النبوي
الشريف
http://www.mktaba.org
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع ، وهو مفهرس
فهرسة موضوعية ، ويمكن الانتقال للجزء والصفحة ورقم الحديث]
No comments:
Post a Comment