[ جزء 4 - صفحة 536 ]
عنها أصلا وإذ هو كما ذكرنا فاتباع النص فرض سواء أجمع الناس عليه أو اختلفوا فيه لا يزيد النص مرتبة في وجوب الاتباع أن يجمع الناس عليه ولا يوهن وجوب اتباع اختلاف الناس فيه بل الحق حق وإن اختلف فيه وإن الباطل باطل وإن كثر القائلون به ولولا صحة النص عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن أمته لا يزال منهم من يقوم بالحق ويقول به فبطل بذلك أن يجمعوا على باطل لقلنا والباطل باطل وإن أجمع عليه لكن لا سبيل إلى الإجماع على باطل
قال أبو محمد فإذا الأمر كذلك فإنما علينا صلب أحكام القرآن والسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ليس في الدين سواهما أصلا ولا معنى لطلبنا هل أجمع على ذلك الحكم أو هل اختلف فيه لما ذكرنا وبالله تعالى التوفيق
فإن قيل فقد صححتم الإجماع آنفا ثم توجبون الآن أنه لا معنى له قلنا الإجماع موجود كما الاختلاف موجود إلا أننا لم يكلفنا الله تعالى معرفة شيء من ذلك إنما كلفنا اتباع القرآن وبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نقله إلينا الأمر منا على ما بينا فقط ولأن أحكام الدين كلها من القرآن والسنن لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما إما وحي مثبت في المصحف وهو القرآن وإما وحي غير مثبت في المصحف وهو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى { بلبينات ولزبر وأنزلنا إليك لذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } وقال تعالى { وما ينطق عن لهوى إن هو إلا وحي يوحى }
ثم ينقسم كل ذلك ثلاثة أقسام لا رابع لها إما شيء نقلته الأمة كلها عصرا بعد عصر كالإيمان والصلوات والصيام ونحو ذلك وهذا هو الإجماع ليس من هذا القسم شيء لم يجمع عليه وإما شيء نقل نقل تواتر كافة عن كافة من عندنا كذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ككثير من السنن وقد يجمع على بعض ذلك وقد يختلف فيه كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا بجميع الحاضرين من أصحابه وكدفعه خيبر إلى يهود بنصف ما يخرج منها من زرع أو تمر يخرجهم إذا شاء وغير ذلك كثير وإما شيء نقله الثقة عن الثقة كذلك مبلغا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنه ما أجمع على القول به ومنه ما اختلف فيه فهذا معنى الإجماع الذي لا إجماع في الديانة غيره البتة ومن ادعى
No comments:
Post a Comment