[ جزء 4 - صفحة 540 ]
إجماعا إنما الإجماع إجماع جميعهم وأيضا فإنهم كانوا عددا محصورا يمكن أن يحاط بهم وتعرف أقوالهم وليس من بعدهم كذلك
قال أبو محمد أما قوله إنهم شهدوا التوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال وهذا إنما هو حجة في أنه لا إجماع إلا عن توقيف ولا شك في أن إجماع الصحابة رضي الله عنهم إجماع صحيح وإنما الكلام في الأعصار بعدهم وقد عارضه مخالفوه بأن قالوا قد يجوز أن يحمل أهل عصر بعدهم على دليل نص قرآن أو سنة فهذا يدخل في التوقيف وأما قوله إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا جميع المؤمنين وإن من بعدهم إنما هو بعض المؤمنين فقول صحيح يعرف صدقه بالعيان والمشاهدة إلا أنه قد عارض مخالفوه في نكتة من هذه الجملة وهو أنه قال إن كان هكذا فإنه مذ ماتت خديجة رضي الله عنها أو بعض قدماء الصحابة رضي الله عنهم فإن الباقين منهم إنما هم بعض المؤمنين لا كلهم أيضا فقل إن الإجماع إنما هو إجماع من أسلم منهم بمكة قبل أن يموت منهم أحد فعارضه بعض أصحابنا بأن قال نعم هذا حق ما جاء قط نص قرآن ولا سنة بتسمية ما اتفق عليه من بقي من بعد من مات إجماعا
قال بعض أصحابنا لا ولكن نقول إن كل من مات منهم رضي الله عنهم فنحن موقنون قاطعون بأنه لو كان حيا لسلم الوحي المنزل من القرآن أو البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يمت إلا مؤمنا بكل ما ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده بلا شك وليس كذلك من بعدهم لأنه حدث فيمن بعدهم من لا يقول بخبر الواحد الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نقطع عليهم بطاعة ما حكم به صلى الله عليه وسلم بخلاف الصحابة الذين من مات منهم فهو داخل في الإجماع بهذه الجملة
فعارضه المخالف فقال إن الأمر وإن كان كذلك فمع ذلك فقد كان يمكن أن يخالف الوحي متأولا باجتهاده كما فعل عمر وخالد وأبو السنابل وغيرهم فإن لم يعتد هذا خلافا لأنه وهم من صاحبه فلا يعتد بخلاف أحد من أهل الإسلام للنص إذا خالفه متأولا باجتهاده لأن كل مسلم كان أو يكون فإنه مسلم لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم به وإن خالف بعد ذلك متأولا باجتهاده مخطئا قاصدا إلى الخير في تقديره فقد صار على هذا القول كل حكم إجماعا وبطل الاختلاف
قال أبو محمد وهذا اعتراض غير صحيح ولا يمنع مما أوجبه أبو سليمان من أن
No comments:
Post a Comment